بحـث
المواضيع الأخيرة
سحابة الكلمات الدلالية
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
Admin | ||||
صهيب | ||||
الفقير الى عفو الله | ||||
عمار | ||||
عطر الندى امة الله | ||||
amira | ||||
hamza | ||||
سامي | ||||
islam.light | ||||
عروبة |
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
منتدى بسكرة منتدى ترفيهي اسلامي ثقافي ...تحميل فيديو ...تحميل برامج كمبيوتر ...الخ
قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى عروس الزيبان بسكرة على موقع حفض الصفحات
شريط الاخبار
الاغتراب الثقافي
صفحة 1 من اصل 1
الاغتراب الثقافي
الاغتراب الثقافي
دراسة وصفية تحليلية
إضاءات:
1.سيستخدم مصطلح الحضارة Civilization والثقافة culture بمعنى واحد يشير إلى المكتسبات والموروث المادي وغير المادي لمجتمع ما.
2.تتمثل مشكلة البحث بشعور أفراد مجتمع ما بالاغتراب عن ثقافته (المحلية) في ظل سيادة ثقافة أكثر طغيانا وتنتسب لأمة أخرى ، فضلا عما يعانيه أفراد الثقافة الطاغية أصلا من الاغتراب الناشئ عن استمرار التجديدات الثقافية أو الحضارية، وهذه الحالة تعد سمة/ ظاهرة تلازم أغلب المجتمعات في العصر الحديث.
3.مصطلح الوعي Awareness ذو محتوى (نفسي_ معرفي).
مدخل:
كثيرا ما استخدم مصطلح الاغتراب Alienation في شتى مناحي الحياة حتى بدا مصطلحا مستخدما في دارج الكلام، ولذا تعددت دلالات هذا المصطلح حتى أصبح لكثيرين مصطلحا غامضاً وإشكاليا يرتبط به جدل كثير، وهيجل هو أول من صك لهذا المصطلح استخداما علميا ومنهجيا ، بل ونظّر له في كتابه الموسوم (فينومينولوجيا الروح عام 1807) وقسمه إلى شكلين : سلبي وإيجابي، واستخدمه قبله وبعده كثيرين من أدباء وفلاسفة ومتخصصين في مختلف العلوم السلوكية والاجتماعية، وشكلت هذه الاستخدامات تراثا معرفيا ضخما في دراسة الاغتراب.
إن العلاقة بين (الذات) و(الآخر) وشكل هذه العلاقة هي أهم مرتكزات ومكونات الاغتراب كعملية Process وكنتيجة Result ، كما أن أبعاداً أخرى كالوعي Awareness ، والتموضع أو التخارج Objectivzation ، والمعرفة Cognition ، والمعنى Meaning هي أهم الأبعاد التي تكمل الصورة لفهم الاغتراب.
درس الاغتراب كمتغير اجتماعي من حيث كونه حالة Case أو ظاهرة Phenomenon تؤثر سلباً على توافق الفرد مع محيطه ، ودرس فلسفياً لتأصيل وتوصيف المفهوم ، وحاول النفسانيون توصيفه وتفسيره في دراسات الصحة النفسية والتوافق كحالة متطورة لعدم التوافق وعدم السواء لانفصال الذات عن الفرد والمجتمع، وكتب فيه الأدباء والمفكرون ، وعمم هذا الاستخدام للمصطلح لوصف ظاهرة سلبية _هي موضوع البحث_ والتي تتمثل بانفصال / اغتراب وحدة بشرية عن حضارتها وثقافتها التي ترعرعت فيها وتلجأ لتصحيح هذا الاختلال لتبني طروحات ثقافية تمثل ثقافة مجتمع وحضارة أخرى غالباً ما تكون طاغية.
تعريف ومعنى الاغتراب:
عُـرف الاغتراب على انه:
1ـ الشعور بالغربة أو الغرابة.
2ـ انعدام العلاقات الحميمة مع الناس.
3ـ في الوجودية : انفصال الفرد عن الأنا الواقعية بسبب الانغماس في التجديدات وضرورة التطابق مع رغبات الآخرين ومطالب المؤسسات الاجتماعية (فاخر عاقل ـ ص 22)
وعرفة روسو : ان تغترب يعني أن تعطي أو أن تبيع، فالإنسان الذي يصبح عبدا لآخر لا يعطي ذاته وانما يبيعها على الأقل من أجل بقاء حياته، وهذا التعريف يصور تمايزا بين مفهوم العطاء(طواعية) ، وبين البيع (مراد وهبة ص 99).
واعتبر هيجل أن هناك اغترابين؛ إيجابي وسلبي، فأما الإيجابي فإن الوعي فيه ينقسم أو يقسم نفسه إلى (ذات )و (موضوع)، والاغتراب هو العملية التي يموضع فيها العقل نفسه بالتفكير، وبهذا المعنى يكون خطوة إيجابية في مسيرة وعي الإنسان بذاته، وأما السلبي فهو تخارج أو تموضع لم يعرف ذاته، ويضرب هيجل مثلاً لذلك بالحب المدفوع بما هو ميت كالحب القائم على السيطرة والتملك وفقدان الحرية وتقف الفردية فيه حجر عثرة، ويعرف اغتراب الذات (Self_Alienation) على انه:
1ـ حالة يشعر فيها الإنسان بان ذاته غير حقيقية
2ـ حالة يشعر فيها الإنسان بالابتعاد عن الحياة كما يشعر باليأس والقنوط(فاخر عاقل ص 346).
وهكذا يتمحور معنى الاغتراب حول شعور الفرد بأنه غريب عن ذاته، أو عن مجتمعه الذي يحيا فيه، ويوصفه الروائي البير كامي في روايته (الغريب) بحالة ذلك الشاب الجزائري الذي يعيش في فرنسا ويملك شقة خاصة ويعمل كما يعمل أهل البلاد، ويرتاد المقاهي، ويقابل صديقات له في شقته، ويحضر لنفسه الطعام، ويؤدي ما عليه، لكنه في نهاية الأمر يحمل أفكارا لا يريد أن يتنازل عنها، ويشعر أن بالتزامه بها والمحافظة عليها والتصرف بموجبها إنه يبدو غريبا في مجتمع لا يتفق معه ويعتبرها آراء تأتي من (الخارج) وإن كان هذا الشاب يعيش في نفس المجتمع.
هذا التوصيف هو ذاته توصيف الاغتراب الثقافي الذي يشعر به أبناء المجتمع أو أصحاب مرجعية حضارية معرفية معينة؛ إذ يشعرون أنهم يعيشون ويحيون بقيم وممارسات لا يتوحدون معها، الأمر الذي يشعرهم وفي أعماق نفوسهم، بأنهم منفصلون عن هذه القيم والمرجعيات الحضارية الجديدة.
ان الاغتراب من حيث المبدأ نتاج الانسان، فمن خلال العمل الجماعي يغيّر هذا الإنسان الطبيعة من حوله وأيضا ينشئ المجتمع، ورغم ان البشر بهذا المعنى هم الذين يصنعون العالم الاجتماعي ثم الطبيعي ـ جزئيا ـ الذي يعيشون فيه، فان هذا العالم أصبح فيما بعد غريبا عنهم لا يملكونه وإنما تملكه وتملك الإنسان معه أشياء أخرى صنعها الإنسان بنفسه ثم استقلت عنه وسيطرت عليه وعلى العالم، منها النقود والتنظيمات والآليات التي قد لا يفهمها الإنسان نفسه، والمؤسسات التي تخضع لآليات شبه مستقلة لا لإرادات الأفراد، وهكذا يحدث الاغتراب الذي لا سبيل لهزيمته إلا بمزيد من المعرفة المتحررة من الغرض الهادفة إلى الحصول على الإدراك الشامل للطبيعة والمجتمع لكي تتيح له الانغماس في ممارسة الحياة مثل العمل المبدع والحب والتذوق لمختلف الفنون وإنتاجها بناء على الإدراك الشامل وتوسيعا له وتعميقا لأبعاده (سامي خشبة ص 68).
هذا المفهوم هو ما ذهب إليه أريك فروم في كتابه (الهروب من الحرية)" .. وهو ما وصفة الوجوديون على انه (وجود ـ داخل ـ العالم)، وهو ما يحيل الفرد إلى مجرد شيء داخل هذا العالم وهو ما عرف ب (ظاهرة التشيؤ)، أما الوجود الإيجابي فهو (الوجود ـ في ـ العالم)، وهو ما يضفي على وجود الفرد صفة المشاركة الفاعلة الإيجابية في العالم..
وما يصح على اغتراب الفرد ، يصح ـ مبدئيا ـ على اغتراب المجتمع الثقافي، ولهذا الاغتراب مستويات:
1ـ الإحساس بالعجز.
2ـ الشذوذ.
3ـ انعدام المعنى وتلاشي المعايير.
4ـ الانعزال.
• لماذا الاغتراب الثقافي؟
بدءا لا بد أن نضع في نظر الاعتبار مجموعة القوانين الطبيعية التي تعد معطيات موضوعية لفهم ظاهرة كالاغتراب، وتفسيرها إضافة إلى ما يتجاوز هذه المعطيات الموضوعية من المعاني كالقيمة والمعنى والأولويات والأفضليات … الخ، فثمة قوانين طبيعية موضوعية فسيولوجية، وعضوية، وكيميائية، وفيزيائية، وسكانية، ….. جميعها تشير إلى مبدأ واحد، هو إن(الأشياء ) تنتقل من حيز إلى آخر تبعا لاختلاف الحيزين بالكثافة أو بالكمية أو النوعية.
فالاغتراب الثقافي فوق أنه ينشأ من عدم إمكانية(عجز) الإنسان أمام قوى المؤسسات والأنظمة التي أنشأها لرفاهيته فصادرت بعد حين"ذاته" وحريته، فوق ذلك ينشأ من استيراد "منظومات حضارية ثقافية" مع كل المنتج التكنولوجي الذي أصبح شائعا، كنتيجة طبيعية ونهائية. ولذا فالاغتراب عندئذ له مكونان، هما: المادي والثقافي.
ان الاغتراب الثقافي كمعطى إنساني لا يفسر استنادا إلى قوانين طبيعية، وبطريقة ميكانيكية فقط. إذ ان مثل هذا التفسير تفسير قاصر عن الوصول إلى الواقعية.
فاغتراب مجتمع عن ثقافته المادية أو اللامادية أما بسبب عدم كفايتها لإتمام مطالبه، أو لعدم وعيه بآفاقها، ولجوئه لثقافة أخرى بديلة تلبي له مطالبه، ولا تحقق له التوحد معها لا يمكن فهمها بمعزل عن الوعي والمعرفة.
إن اغتراب أفراد المجتمع عن ثقافتهم في ظل تعدد ثقافات أمم أخرى وسيادة بعضها أو أحدها ، لا يمكن فهمه على أساس إمكانية الثقافة السائدة في معالجتها لمختلف الحالات والمتغيرات والأحداث والمواقف والتحديات فحسب، بل أيضا لعدم الوعي بإمكانية ثقافة المجتمع على معالجة هذه التساؤلات والمواقف والتحديات ……الخ ، أو لشعورهم بعدم المشاركة الفاعلة في الموروث الثقافي السائد، الأمر الذي يؤدي إلى شعور أفرادها بالعجز ف ظل مرجعيتهم الثقافية مما يؤدي بهم إلى اللجوء لمرجعيات أخرى يعتقدون إنها أجدى في معالجة التطورات والأحداث ، وهذا اللجوء لا يؤدي بهم بالتالي إلى شعور بالتوحد معها_ على المستوى النفسي_ وتجاوز الاغتراب فيها في ظل غياب نظرة إنسانية متوازنة وشاملة ثقافياً. وربما أمكن ذلك عن طريق إشاعة وعي وتعليم حقيقي، عن هذا الوعي ينبغي ان يكون صادقا وموضوعيا ، وحتى يتحقق ذلك ينبغي أن تسود الشفافية والموضوعية في الطرح، وهذا الطرح لا يقبل تقديم صورة إيجابية _فقط_ عن ثقافتنا على حساب الحقائق السلبية ومحاولة تلافيها أو التستر عليها بدافع الانحياز، فهذا المنحى وإن حقق مكاسب قصيرة المدى وسريعة التأثير ، لكنه أمام نشاط الناس المعرفي وتوسع آفاق الحصول عليها، سيصطدم بما سيوصلهم له وعيهم بالحقيقة في ثقافتهم، الأمر الذي إن حدث سيجعل حجية كل المعلومات والقناعات السابقة في موضع المسائلة ،ولربما التمرد عليها ، ومن ثم البحث عن بدائل أخرى لا تحقق له التوحد معها وإن استطاعت أن تكفل له الوفاء بمطالب القوانين والاحتياجات المادية لحياته، وسيبقى الجزء الآخر لوجوده وهو اللامادي منفصلا عنه يؤدي به للاغتراب، هذا الدور لتوضيح هذا التوصيف هو مسؤولية المجتمع بعامة ومسؤولية مؤسسات التعليم والأعلام بخاصة.
إن خلق هذا الارتباط بين أفراد المجتمع وثقافتهم وتجاوز الاغتراب بينهما لا يعني بالضرورة نظرة سلبية لكل ما هو وافد أو مستحدث لا سيما في ما يتعلق بالأمور المادية وإن كان المادي واللامادي متلازمان ثقافيا وفي أغلب الأحيان،ولعل توسيع آفاق الوعي بإنسانية الحضارة من شأنه ان يرأب الصدع في هذا المجال، يبقى أن الاغتراب قدر يصاحب كل تغيير ، لكن يمكن تخفيف آثار هذه التغيرات وجعلها أكثر انسجاما مع مراحل التطور بحيث لا تخلق هوة وإرباك في المجتمع من خلال إشاعة سلوك المرونة والواقعية بدل الجمود والطوباوية، كما يمكن من خلال التوصيف المتقدم خلق معان وأبعادا قيمية متغيرة ومتطورة يمكن التواصل معها، وقد اورد د.قيس النوري خلاصة لأراء جملة من التخصصين من شأنها أن تساهم في التخفيف وربما تجاوز الاغتراب نتبناها في هذا المورد وهي:
أولا: من الضروري لنمو شخصية الفرد أن يحصل على الفرص التي تسمح له بالإسهام في فعاليات منتجة هادفة فيها دعم للنفس أو الذات، وان تيسر له الإمكانات التي تمنحه المجال لتجسيد ذاته والتعبير عن شخصيته، ومن الواضح ان سلب الفرد حق التعبير عن خصائص شخصيته غالبا كا يحول بينه وبين تطويرها.
ثانياً: عندما تصبح الفعاليات الإنتاجية والنتائج التي يصل إليها الفرد من أعمالها وذاته التي يتصف بها ، عندما تصبح كلها تحت سيطرة الآخرين فإنها تحجب عنه ذهنيا وعاطفيا ن وهذا ما يسلط الضوء على الصلة بين تلقائية العمل ودرجة التمسك بهز
ثالثاً: إذا انغمس الفرد في توجه استغلالي إزاء الواقع فإنه من المتعذر عليه ان ينشئ صلة مناسبة أو مرضية بينه وبين ذلك الواقع، فقد يندفع الفرد بسبب أو بآخر لاكتناز الأشياء المادية دون تقدير واع لما فيها من قيمة اجتماعية أو جمالية أو عملية، ويترتب على اندفاعه هذا ان يصبح أداة عاجزة عن السيطرة على هذه النزعة مما يدخله في تجربة الاغتراب عن المغزى الذهني والعاطفي الكامن وراء هذا النوع من السلوك.
رابعاً: عندا يبتغي الإنسان مصالحه الشخصية دون تقدير لحاجات الآخرين ومنافعهم، فانه لن يستطيع إقامة علاقات دائمة معهم.
خامساً: للهروب من الاغتراب لا بد للعلاقات بين الأطراف من أن تكون مبنية ليس على أساس المصالح المشتركة فقط، بل على أساس تضامن قيمي مشترك ومرجعي أيديولوجي معرفي أيضا.
سادساً: لا تتوازن الشخصية البشرية عندما لا يكون الفرد في حالة من الاعتماد والاتحاد مع الآخرين، وهذا القول نابع من كون الإنسان كائناً مثالياً اجتماعياً قيمياً
دراسة وصفية تحليلية
إضاءات:
1.سيستخدم مصطلح الحضارة Civilization والثقافة culture بمعنى واحد يشير إلى المكتسبات والموروث المادي وغير المادي لمجتمع ما.
2.تتمثل مشكلة البحث بشعور أفراد مجتمع ما بالاغتراب عن ثقافته (المحلية) في ظل سيادة ثقافة أكثر طغيانا وتنتسب لأمة أخرى ، فضلا عما يعانيه أفراد الثقافة الطاغية أصلا من الاغتراب الناشئ عن استمرار التجديدات الثقافية أو الحضارية، وهذه الحالة تعد سمة/ ظاهرة تلازم أغلب المجتمعات في العصر الحديث.
3.مصطلح الوعي Awareness ذو محتوى (نفسي_ معرفي).
مدخل:
كثيرا ما استخدم مصطلح الاغتراب Alienation في شتى مناحي الحياة حتى بدا مصطلحا مستخدما في دارج الكلام، ولذا تعددت دلالات هذا المصطلح حتى أصبح لكثيرين مصطلحا غامضاً وإشكاليا يرتبط به جدل كثير، وهيجل هو أول من صك لهذا المصطلح استخداما علميا ومنهجيا ، بل ونظّر له في كتابه الموسوم (فينومينولوجيا الروح عام 1807) وقسمه إلى شكلين : سلبي وإيجابي، واستخدمه قبله وبعده كثيرين من أدباء وفلاسفة ومتخصصين في مختلف العلوم السلوكية والاجتماعية، وشكلت هذه الاستخدامات تراثا معرفيا ضخما في دراسة الاغتراب.
إن العلاقة بين (الذات) و(الآخر) وشكل هذه العلاقة هي أهم مرتكزات ومكونات الاغتراب كعملية Process وكنتيجة Result ، كما أن أبعاداً أخرى كالوعي Awareness ، والتموضع أو التخارج Objectivzation ، والمعرفة Cognition ، والمعنى Meaning هي أهم الأبعاد التي تكمل الصورة لفهم الاغتراب.
درس الاغتراب كمتغير اجتماعي من حيث كونه حالة Case أو ظاهرة Phenomenon تؤثر سلباً على توافق الفرد مع محيطه ، ودرس فلسفياً لتأصيل وتوصيف المفهوم ، وحاول النفسانيون توصيفه وتفسيره في دراسات الصحة النفسية والتوافق كحالة متطورة لعدم التوافق وعدم السواء لانفصال الذات عن الفرد والمجتمع، وكتب فيه الأدباء والمفكرون ، وعمم هذا الاستخدام للمصطلح لوصف ظاهرة سلبية _هي موضوع البحث_ والتي تتمثل بانفصال / اغتراب وحدة بشرية عن حضارتها وثقافتها التي ترعرعت فيها وتلجأ لتصحيح هذا الاختلال لتبني طروحات ثقافية تمثل ثقافة مجتمع وحضارة أخرى غالباً ما تكون طاغية.
تعريف ومعنى الاغتراب:
عُـرف الاغتراب على انه:
1ـ الشعور بالغربة أو الغرابة.
2ـ انعدام العلاقات الحميمة مع الناس.
3ـ في الوجودية : انفصال الفرد عن الأنا الواقعية بسبب الانغماس في التجديدات وضرورة التطابق مع رغبات الآخرين ومطالب المؤسسات الاجتماعية (فاخر عاقل ـ ص 22)
وعرفة روسو : ان تغترب يعني أن تعطي أو أن تبيع، فالإنسان الذي يصبح عبدا لآخر لا يعطي ذاته وانما يبيعها على الأقل من أجل بقاء حياته، وهذا التعريف يصور تمايزا بين مفهوم العطاء(طواعية) ، وبين البيع (مراد وهبة ص 99).
واعتبر هيجل أن هناك اغترابين؛ إيجابي وسلبي، فأما الإيجابي فإن الوعي فيه ينقسم أو يقسم نفسه إلى (ذات )و (موضوع)، والاغتراب هو العملية التي يموضع فيها العقل نفسه بالتفكير، وبهذا المعنى يكون خطوة إيجابية في مسيرة وعي الإنسان بذاته، وأما السلبي فهو تخارج أو تموضع لم يعرف ذاته، ويضرب هيجل مثلاً لذلك بالحب المدفوع بما هو ميت كالحب القائم على السيطرة والتملك وفقدان الحرية وتقف الفردية فيه حجر عثرة، ويعرف اغتراب الذات (Self_Alienation) على انه:
1ـ حالة يشعر فيها الإنسان بان ذاته غير حقيقية
2ـ حالة يشعر فيها الإنسان بالابتعاد عن الحياة كما يشعر باليأس والقنوط(فاخر عاقل ص 346).
وهكذا يتمحور معنى الاغتراب حول شعور الفرد بأنه غريب عن ذاته، أو عن مجتمعه الذي يحيا فيه، ويوصفه الروائي البير كامي في روايته (الغريب) بحالة ذلك الشاب الجزائري الذي يعيش في فرنسا ويملك شقة خاصة ويعمل كما يعمل أهل البلاد، ويرتاد المقاهي، ويقابل صديقات له في شقته، ويحضر لنفسه الطعام، ويؤدي ما عليه، لكنه في نهاية الأمر يحمل أفكارا لا يريد أن يتنازل عنها، ويشعر أن بالتزامه بها والمحافظة عليها والتصرف بموجبها إنه يبدو غريبا في مجتمع لا يتفق معه ويعتبرها آراء تأتي من (الخارج) وإن كان هذا الشاب يعيش في نفس المجتمع.
هذا التوصيف هو ذاته توصيف الاغتراب الثقافي الذي يشعر به أبناء المجتمع أو أصحاب مرجعية حضارية معرفية معينة؛ إذ يشعرون أنهم يعيشون ويحيون بقيم وممارسات لا يتوحدون معها، الأمر الذي يشعرهم وفي أعماق نفوسهم، بأنهم منفصلون عن هذه القيم والمرجعيات الحضارية الجديدة.
ان الاغتراب من حيث المبدأ نتاج الانسان، فمن خلال العمل الجماعي يغيّر هذا الإنسان الطبيعة من حوله وأيضا ينشئ المجتمع، ورغم ان البشر بهذا المعنى هم الذين يصنعون العالم الاجتماعي ثم الطبيعي ـ جزئيا ـ الذي يعيشون فيه، فان هذا العالم أصبح فيما بعد غريبا عنهم لا يملكونه وإنما تملكه وتملك الإنسان معه أشياء أخرى صنعها الإنسان بنفسه ثم استقلت عنه وسيطرت عليه وعلى العالم، منها النقود والتنظيمات والآليات التي قد لا يفهمها الإنسان نفسه، والمؤسسات التي تخضع لآليات شبه مستقلة لا لإرادات الأفراد، وهكذا يحدث الاغتراب الذي لا سبيل لهزيمته إلا بمزيد من المعرفة المتحررة من الغرض الهادفة إلى الحصول على الإدراك الشامل للطبيعة والمجتمع لكي تتيح له الانغماس في ممارسة الحياة مثل العمل المبدع والحب والتذوق لمختلف الفنون وإنتاجها بناء على الإدراك الشامل وتوسيعا له وتعميقا لأبعاده (سامي خشبة ص 68).
هذا المفهوم هو ما ذهب إليه أريك فروم في كتابه (الهروب من الحرية)" .. وهو ما وصفة الوجوديون على انه (وجود ـ داخل ـ العالم)، وهو ما يحيل الفرد إلى مجرد شيء داخل هذا العالم وهو ما عرف ب (ظاهرة التشيؤ)، أما الوجود الإيجابي فهو (الوجود ـ في ـ العالم)، وهو ما يضفي على وجود الفرد صفة المشاركة الفاعلة الإيجابية في العالم..
وما يصح على اغتراب الفرد ، يصح ـ مبدئيا ـ على اغتراب المجتمع الثقافي، ولهذا الاغتراب مستويات:
1ـ الإحساس بالعجز.
2ـ الشذوذ.
3ـ انعدام المعنى وتلاشي المعايير.
4ـ الانعزال.
• لماذا الاغتراب الثقافي؟
بدءا لا بد أن نضع في نظر الاعتبار مجموعة القوانين الطبيعية التي تعد معطيات موضوعية لفهم ظاهرة كالاغتراب، وتفسيرها إضافة إلى ما يتجاوز هذه المعطيات الموضوعية من المعاني كالقيمة والمعنى والأولويات والأفضليات … الخ، فثمة قوانين طبيعية موضوعية فسيولوجية، وعضوية، وكيميائية، وفيزيائية، وسكانية، ….. جميعها تشير إلى مبدأ واحد، هو إن(الأشياء ) تنتقل من حيز إلى آخر تبعا لاختلاف الحيزين بالكثافة أو بالكمية أو النوعية.
فالاغتراب الثقافي فوق أنه ينشأ من عدم إمكانية(عجز) الإنسان أمام قوى المؤسسات والأنظمة التي أنشأها لرفاهيته فصادرت بعد حين"ذاته" وحريته، فوق ذلك ينشأ من استيراد "منظومات حضارية ثقافية" مع كل المنتج التكنولوجي الذي أصبح شائعا، كنتيجة طبيعية ونهائية. ولذا فالاغتراب عندئذ له مكونان، هما: المادي والثقافي.
ان الاغتراب الثقافي كمعطى إنساني لا يفسر استنادا إلى قوانين طبيعية، وبطريقة ميكانيكية فقط. إذ ان مثل هذا التفسير تفسير قاصر عن الوصول إلى الواقعية.
فاغتراب مجتمع عن ثقافته المادية أو اللامادية أما بسبب عدم كفايتها لإتمام مطالبه، أو لعدم وعيه بآفاقها، ولجوئه لثقافة أخرى بديلة تلبي له مطالبه، ولا تحقق له التوحد معها لا يمكن فهمها بمعزل عن الوعي والمعرفة.
إن اغتراب أفراد المجتمع عن ثقافتهم في ظل تعدد ثقافات أمم أخرى وسيادة بعضها أو أحدها ، لا يمكن فهمه على أساس إمكانية الثقافة السائدة في معالجتها لمختلف الحالات والمتغيرات والأحداث والمواقف والتحديات فحسب، بل أيضا لعدم الوعي بإمكانية ثقافة المجتمع على معالجة هذه التساؤلات والمواقف والتحديات ……الخ ، أو لشعورهم بعدم المشاركة الفاعلة في الموروث الثقافي السائد، الأمر الذي يؤدي إلى شعور أفرادها بالعجز ف ظل مرجعيتهم الثقافية مما يؤدي بهم إلى اللجوء لمرجعيات أخرى يعتقدون إنها أجدى في معالجة التطورات والأحداث ، وهذا اللجوء لا يؤدي بهم بالتالي إلى شعور بالتوحد معها_ على المستوى النفسي_ وتجاوز الاغتراب فيها في ظل غياب نظرة إنسانية متوازنة وشاملة ثقافياً. وربما أمكن ذلك عن طريق إشاعة وعي وتعليم حقيقي، عن هذا الوعي ينبغي ان يكون صادقا وموضوعيا ، وحتى يتحقق ذلك ينبغي أن تسود الشفافية والموضوعية في الطرح، وهذا الطرح لا يقبل تقديم صورة إيجابية _فقط_ عن ثقافتنا على حساب الحقائق السلبية ومحاولة تلافيها أو التستر عليها بدافع الانحياز، فهذا المنحى وإن حقق مكاسب قصيرة المدى وسريعة التأثير ، لكنه أمام نشاط الناس المعرفي وتوسع آفاق الحصول عليها، سيصطدم بما سيوصلهم له وعيهم بالحقيقة في ثقافتهم، الأمر الذي إن حدث سيجعل حجية كل المعلومات والقناعات السابقة في موضع المسائلة ،ولربما التمرد عليها ، ومن ثم البحث عن بدائل أخرى لا تحقق له التوحد معها وإن استطاعت أن تكفل له الوفاء بمطالب القوانين والاحتياجات المادية لحياته، وسيبقى الجزء الآخر لوجوده وهو اللامادي منفصلا عنه يؤدي به للاغتراب، هذا الدور لتوضيح هذا التوصيف هو مسؤولية المجتمع بعامة ومسؤولية مؤسسات التعليم والأعلام بخاصة.
إن خلق هذا الارتباط بين أفراد المجتمع وثقافتهم وتجاوز الاغتراب بينهما لا يعني بالضرورة نظرة سلبية لكل ما هو وافد أو مستحدث لا سيما في ما يتعلق بالأمور المادية وإن كان المادي واللامادي متلازمان ثقافيا وفي أغلب الأحيان،ولعل توسيع آفاق الوعي بإنسانية الحضارة من شأنه ان يرأب الصدع في هذا المجال، يبقى أن الاغتراب قدر يصاحب كل تغيير ، لكن يمكن تخفيف آثار هذه التغيرات وجعلها أكثر انسجاما مع مراحل التطور بحيث لا تخلق هوة وإرباك في المجتمع من خلال إشاعة سلوك المرونة والواقعية بدل الجمود والطوباوية، كما يمكن من خلال التوصيف المتقدم خلق معان وأبعادا قيمية متغيرة ومتطورة يمكن التواصل معها، وقد اورد د.قيس النوري خلاصة لأراء جملة من التخصصين من شأنها أن تساهم في التخفيف وربما تجاوز الاغتراب نتبناها في هذا المورد وهي:
أولا: من الضروري لنمو شخصية الفرد أن يحصل على الفرص التي تسمح له بالإسهام في فعاليات منتجة هادفة فيها دعم للنفس أو الذات، وان تيسر له الإمكانات التي تمنحه المجال لتجسيد ذاته والتعبير عن شخصيته، ومن الواضح ان سلب الفرد حق التعبير عن خصائص شخصيته غالبا كا يحول بينه وبين تطويرها.
ثانياً: عندما تصبح الفعاليات الإنتاجية والنتائج التي يصل إليها الفرد من أعمالها وذاته التي يتصف بها ، عندما تصبح كلها تحت سيطرة الآخرين فإنها تحجب عنه ذهنيا وعاطفيا ن وهذا ما يسلط الضوء على الصلة بين تلقائية العمل ودرجة التمسك بهز
ثالثاً: إذا انغمس الفرد في توجه استغلالي إزاء الواقع فإنه من المتعذر عليه ان ينشئ صلة مناسبة أو مرضية بينه وبين ذلك الواقع، فقد يندفع الفرد بسبب أو بآخر لاكتناز الأشياء المادية دون تقدير واع لما فيها من قيمة اجتماعية أو جمالية أو عملية، ويترتب على اندفاعه هذا ان يصبح أداة عاجزة عن السيطرة على هذه النزعة مما يدخله في تجربة الاغتراب عن المغزى الذهني والعاطفي الكامن وراء هذا النوع من السلوك.
رابعاً: عندا يبتغي الإنسان مصالحه الشخصية دون تقدير لحاجات الآخرين ومنافعهم، فانه لن يستطيع إقامة علاقات دائمة معهم.
خامساً: للهروب من الاغتراب لا بد للعلاقات بين الأطراف من أن تكون مبنية ليس على أساس المصالح المشتركة فقط، بل على أساس تضامن قيمي مشترك ومرجعي أيديولوجي معرفي أيضا.
سادساً: لا تتوازن الشخصية البشرية عندما لا يكون الفرد في حالة من الاعتماد والاتحاد مع الآخرين، وهذا القول نابع من كون الإنسان كائناً مثالياً اجتماعياً قيمياً
hamza- مشرف عام
- عدد الرسائل : 115
العمر : 43
الدولة : algeria
الاوسمة :
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
حقل الحب
الرومنسية: 20
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة أبريل 15, 2022 1:55 pm من طرف Admin
» εïз·.¸¸.·¤ دلـ ـيل أوسمـة التميز الشهـ ـري ¤·.¸¸.·ε
الجمعة مايو 20, 2016 9:36 pm من طرف عمار
» من الامراض التى يعالجها مركز الهاشمى
الأحد أبريل 22, 2012 4:19 pm من طرف الاسلام
» مركز الهاشمي للأعشاب الطبيعية والطب الشعبي
الخميس أبريل 19, 2012 1:45 pm من طرف الاسلام
» تكيس المبايض
الخميس أبريل 19, 2012 12:43 pm من طرف مياسة
» اعلان عن فتح مجموعة اخبار سيدي خالد بالفيسبوك
الثلاثاء نوفمبر 01, 2011 11:17 pm من طرف bmessaoud
» طرق علاج الفيروس الكبدي
الثلاثاء نوفمبر 01, 2011 11:15 pm من طرف bmessaoud
» تعريف علم النفس الاجتماعي
الثلاثاء نوفمبر 01, 2011 11:12 pm من طرف bmessaoud
» بسكرة عروس الزيبان
الثلاثاء نوفمبر 01, 2011 11:08 pm من طرف bmessaoud
» بيان اول نوفمبر لشباب 8ماي 1945م
الأحد أكتوبر 09, 2011 1:35 pm من طرف صهيب
» من اميرة الى اعضاء منتدانا
الإثنين سبتمبر 12, 2011 4:36 pm من طرف صهيب
» الف مرحبا باختنا خديجة
الإثنين أغسطس 29, 2011 5:19 am من طرف hacene 09
» افتتاح منتدى اسلامي جديد
الجمعة مارس 18, 2011 8:38 pm من طرف الفقير الى عفو الله
» خسرنا وبكت العيون خسرنا الكأس
الأحد أغسطس 22, 2010 1:53 am من طرف عطر الندى امة الله
» عدت ... لكن اين انتم...ارجو الدخول عااجل
السبت أغسطس 21, 2010 7:31 pm من طرف عطر الندى امة الله
» قف هنا ... وتذكــ ـرـر-
الجمعة أغسطس 20, 2010 2:15 am من طرف عطر الندى امة الله
» =>=//انتبه لعله اخر رمضان لك//=>=
الجمعة أغسطس 20, 2010 2:03 am من طرف عطر الندى امة الله
» نداءات رمضان
الجمعة أغسطس 20, 2010 1:55 am من طرف عطر الندى امة الله
» (&=""الليلة ينادي المناد يا باغي الخير اقبل""=(&
الجمعة أغسطس 20, 2010 1:51 am من طرف عطر الندى امة الله
» في رمضآإن لمآذآ همْ يبگونْ .. وأنآإ لآ أبگ..!؟
الجمعة أغسطس 20, 2010 1:45 am من طرف عطر الندى امة الله
» صفة صومه صلى الله عليه و سلم..
الجمعة أغسطس 20, 2010 1:42 am من طرف عطر الندى امة الله
» (())مبااااارك عليكم الشهر))((
الجمعة أغسطس 20, 2010 1:38 am من طرف عطر الندى امة الله
» كأس العالم:رياضة أم سياسة ولهو منظَّم
الجمعة أغسطس 20, 2010 12:25 am من طرف عطر الندى امة الله
» تخترق الحُجُب
الخميس أغسطس 19, 2010 9:02 pm من طرف عطر الندى امة الله
» تخترق الحُجُب
الخميس أغسطس 19, 2010 9:01 pm من طرف عطر الندى امة الله
» عــــذراً رمضـــان ஐ
الخميس أغسطس 19, 2010 8:33 pm من طرف عطر الندى امة الله
» قصيده عن رمضان
الخميس أغسطس 19, 2010 8:23 pm من طرف عطر الندى امة الله
» ادخل و ما تنساش تدعيلي فيها..
الأربعاء يوليو 28, 2010 10:00 pm من طرف amira
» نرجو نشرها للعبرة والموعضة
الأربعاء يوليو 28, 2010 9:53 pm من طرف amira
» بعض ما يحصل لإخواننا المسلمين الأوزبك في جمهورية قرغيزستان
الأربعاء يوليو 28, 2010 9:49 pm من طرف amira